إقليم سطات: ساكنة دواوير بجماعة أݣدانة “تحرج” المجلس الجماعي بإصلاح مسلك طرقي من مالها الخاص

كازابلانكا الآن
في خطوة عفوية تحمل أكثر من دلالة، أقدمت ساكنة دواوير ” القشلة، فليلسات، الݣرامطة” قيادة امزورة بجماعة أكدانة إقليم سطات، على إصلاح مسلك طرقي يربطهم بمركز الجماعة، وذلك بإمكاناتهم الذاتية ومن مالهم الخاص، بعدما طال انتظار تدخل المجلس الجماعي دون جدوى.
هذا، وقد شملت المبادرة المذكورة ما يزيد عن ثمانية كيلومترات، مرّت عبر جمع مساهمات مالية من السكان، إضافة إلى مساهمة عينية من مقاولة محلية كانت تشتغل في المنطقة، مقابل بعض الخدمات البسيطة التي قدمتها إحدى الأسر للمقاولة ذاتها.

هذه الخطوة، وإن كانت مدفوعة بالحاجة الملحة، فقد وضعت المجلس الجماعي في موقف محرج، خاصة في ظل تكرار الوعود دون أي تفعيل على أرض الواقع، وهو ما اعتبرته الساكنة شكلاً من أشكال الإقصاء المقصود، ناتجًا عن اعتبارات لا علاقة لها بمبدأ العدالة المجالية.

المثير في الأمر، أن الطريق التي بادرت الساكنة إلى إصلاحها، ظلت خارج دائرة الاهتمام الجماعي منذ سنوات، ولم تستفد لا من مشاريع التأهيل الترابي، ولا من برامج صندوق التنمية القروية، ولا حتى من تدخلات آنية لحل الإشكاليات المرتبطة بفصل الشتاء وانقطاع المسالك. مما يعيد طرح سؤال المسؤولية السياسية والقانونية عن تدبير هذا القطاع الحيوي في المجال القروي، الذي لا يُعتبر مجرد بنية تحتية، بل عاملًا أساسيًا في فك العزلة، وضمان الولوج إلى التعليم، والخدمات الصحية، والأسواق، والإدارة.

من الناحية القانونية، فإن المسؤولية الأولى والأخيرة عن إصلاح وشق الطرق القروية تقع على عاتق الجماعة الترابية، وفق ما ينص عليه القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، الذي يمنح لهذه الأخيرة اختصاصات ذاتية في مجال تجهيز الطرق والممرات والمسالك والمناطق الحضرية والقروية التابعة لها، بما في ذلك صيانتها وتوسيعها. كما يمكن للجماعات، حسب نفس القانون، أن تبرم اتفاقيات شراكة مع مؤسسات الدولة أو المجالس الإقليمية أو الجهوية أو القطاع الخاص، لتدبير مشاريع الطرق القروية، خاصة حينما يتعذر تمويلها بالكامل من ميزانية الجماعة.

غير أن الإشكال في حالة جماعة أكدانة لا يرتبط فقط بالإمكانيات، بل أساسًا بالإرادة. فوفق تصريحات مصادر محلية، فإن عدداً من المشاريع الطرقية تُوزع بانتقائية، ولا تستند إلى معايير موضوعية، بل تخضع أحيانًا لمنطق الولاء السياسي، أو العلاقة مع المنتخبين المحليين، وهو ما جعل العديد من الدواوير تشعر بأنها خارج حسابات الجماعة، رغم كثافتها السكانية وحاجياتها التنموية الملحة.

ما وقع في أكدانة ليس استثناء، بل هو نموذج لما تعيشه عشرات الجماعات القروية عبر التراب الوطني، حيث يجد المواطن نفسه مجبرًا على القيام بما هو من صميم اختصاصات الدولة والمؤسسات المنتخبة. في الوقت الذي يؤكد فيه جلالة الملك في خطاباته الأخيرة، وعلى رأسها خطاب الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش، على ضرورة تجاوز الاشكال المرتبط بغياب العدالة المجالية الترابية، حيث قال جلالته : “لا يمكن المغرب أن يسير بسرعتين”، لا تزال بعض الجماعات الترابية تكرّس هذا التفاوت، عبر ممارسة تدبير انتقائي، يُقصي من لا يساير توجّهها، ويكافئ من يدخل في دائرة رضاها.

اليوم، وبعد أن بادرت ساكنة دواوير ” القشلة” ، ” فليلسات” ثم ” الݣرامطة” بجماعة أكدانة إلى ترميم طريقها بوسائلها البسيطة، لا تملك السلطات الإقليمية والمجلس الجماعي سوى الاعتراف بفشل المقاربة المتبعة، وفتح نقاش جدي حول أولويات التنمية المجالية، بما يُعيد الثقة في المؤسسات، ويضمن للمواطن حقه في التنمية، دون حاجة إلى إحراج المسؤولين، أو الدخول في معارك جانبية من أجل حق بسيط اسمه “الطريق

زر الذهاب إلى الأعلى