ملف اليوم: بنادق صيد حولت فوهتها من صيد الطرائد إلى إسقاط ضحايا بشرية
ترى هل الإجراءات القانونية كفيلة بمحاصرة استعمالها خارج " القنص" ؟
محمد العزري- عبد العالي طاشة
عادت ظاهرة حيازة أسلحة الصيد المرخص لها في إطار القانون المتظم لعملية القنص، بعد استعمالها فى ظروف معينة لارتكاب جرائم القتل او الانتحار إلى الواجهة، لتطرح معها العديد من التساؤلات عن حجم سوق الأسلحة المرخصة فى المغرب، وهل تستعمل بالفعل في ممارسة هواية الصيد كما ينص على ذلك القانون، أم أن امتلاكها من طرف البعض لا يعدو أن يكون ذريعة لتصفية الحسابات و تهديد السلم الاجتماعي، و ما إن كانت الشروط و الإجراءات القانونية الموجبة لتملك هذه الأسلحة الخاصة بالقنص/ الصيد كفيلة بتطويق مجال استعمالها ؟
وكانت أخبار جرائم القتل و الانتحار قد توالت في السنوات الأخيرة، باستعمال البندقيات الخاصة بالصيد ، من ضمنها الفاجعة الأليمة التي راه ضحيتها النائب البرلماني عبد اللطيف مرداس ، و جريمة سيدي رحال التي اهتزت لها المنطقة قبل أيام، بعدما أقدم شاب على إطلاق أعيرة نارية على عدد من المواطنين من بندقية صيد متسببا في وفاة شخصين و إصابة آخرين، الثلاثاء الماضي، علاوة على جريمة أخرى بنفس الطريقة، والتي اهتز لها دوار اولاد عيسى التابع لجماعة انخيلة ببن احمد إقليم سطات، اول امس الأربعاء 3 نونبر الجاري، والتي راه ضحيتها ثلاثة أشخاص.
وقبل أن نخوض في الحديث عن حيازة الأسلحة المرخص لها في هواية الصيد كما هو مثبت في الأوراق القانونية، واستعمالها في جرائم القتل و الانتحار، ترى هل بات لزاما على الجهات المختصة إعادة النظر في الرخص التي تمنح لإستعمال بنادق الصيد، عبر وضع ترسانة من المساطر و الإجراءات شديدة الصرامة، من بينها الاطلاع على سلامة قوى طالب الترخيص العقلية و الجسدية، وكذا المتابعة الزجرية في حق كل من سولت لهم أنفسهم إشهار سلاح ناري – في الأصل خصص للقنص- في وجه مواطنين أبرياء، أم أن المساطر و الإجراءات الخاصة برخصة الحصول على هذه الأسلحة كفيلة بمحاصرة أي خروج عن النص بالنسبة لفئة معينة ممن يتحوزون هذه الأسلحة و محيطهم؟
هي أسئلة و أخرى سنجيب عنها من الناحية القانونية مع الأستاذ المحامي بهيئة الدارالبيضاء ” محمد الشمسي” وذلك في نص الحوار التالي:
كازابلانكا الآن:
هل الإجراءات القانونية و الشروط المعمول بها للحصول على رخصة سلاح الصيد كفيلة بمحاصرة بعض الجرائم التي استعملت فيها بنادق الصيد كأداة للجربمة؟
* محمد الشمسي:
فيما يتعلق بالاجراءات المسطرية للحصول على سلاح خاص بالصيد هي إجراءات اشترط فيها المشرع المغربي ما يكفي من الشروط التي تكاد تكون تعجيزية للحصول على الترخيص تحت إشراف وزارة الداخلية، والتي من بينها أن يكون الشخص المعني ذا اريحية مادية و شروط أخرى سنأتي على ذكرها، لذلك فالتشديد في حمل رخصة الصيد موجود، يبقى فقط الحل الآخر يكمن في احتمال إلغاء هذه الرخص وهو في نظري ليس حلا .
وبالعودة لمضمون السؤال فالاجراءات ليست كفيلة للحد من ظاهرة استعمال أسلحة الصيد في جرائم القتل، على اعتبار أن هناك من الجرائم موضوع هذا الشأن ما يكون فيها الجاني متوفرًا على جميع الشروط التي تخوله الحصول على رخصة حمل وحيازة سلاح الصيد.
بدليل أنه يمكن لجريمة ما أن يستعمل فيها سلاح صيد ويكون الجاني خلالها متوفرة فيه جميع الشروط علاوة على تمتعه بالسلامة العقلية و الجسدية ثم النفسية، كما يمكن لأحد أفراد عائلته مثلا أن يستغل تواجد هذا السلاح ويستعمله في غير محله.
فعندما نتحدث عن ارتفاع مؤشر الجريمة ، فإن الوسائل المستعملة في ارتكابها تكاد تكون شيئا مألوفا، لأنه حينها يكون المجرم قد حقق الغابة و هي إزهاق الروح أيّا كانت الوسيلة ( ساطور، سكين غاز، سم…).
الأمر هنا لا يحدث فارقا كبيرا، لذلك فإنه من الصعب أن نحاول من خلال التشديد في شروط الحصول على رخصة سلاح الصيد أن نقلل من استعمال هذا السلاح في غير ما أعد له.
عندما نتحدث عن ارتفاع مؤشر الجريمة، تصبح الوسائل المستعملة في الجرائم تكاد تصبح مألوفة، لأن الغاية حققها المجرم/الجاني، وعليه فإن مسألة التشديد في إجراءات الحصول على رخصة حمل السلاح الخاص بالصيد للتقليل من استعماله في غير ما أعد له صعبة.
كازابلانكا الآن:
إلى أي حد قد يساهم إخضاع الحاصلين على رخصة الصيد لشهادة الفحص الطبي الدوري في الحد من بعض الجرائم المرتكبة بواسطة سلاح ” الصيد”.
محمد الشمسي:
بالنسبة للشهادة الطبية او بصيغة أخرى إخضاع حامل السلاح لمراقبة طبية دورية، سواء سنوية او نصف سنوية، لن تغير في الأمر شيئا، لأنه إذا ما تم إقرارها ستصلح تسلم من باب المحاباة، لأن الطب يشخص الحالة في إبّانها، فالطب لا يعلم الغيب، فلا يمكنه أن يحدد ما إن كان الشخص مثلا في السنة المقبلة سيصبح لديه هاجس إجرامي.
ليس بالضرورة القول بأن الإنسان المرتكب للجريمة مختل او لديه مشكل نفسي، قد يكون ارتكاب جريمة ما باستعمال بنادق القنص بدافع حسابات شخصية، فميول الإنسان للفعل الجرمي هو ميول مفاجئ قد يتفاجئه هو نفسه، بدليل أن الفاعل عند ارتكابه لجريمةه ينهار بالبكاء والندم الشديد، باعتبار أن اللحظة التي ارتكب فيها الجريمة لم يكن كما كان عليه في سابق عهده.
ليس كل مجرم مختل عقليا ( غالبية المجرمين أسوياء) ، لذلك فالشهادة الطبية لا يمكنها أن تخفف من الجريمة المقترفة بواسطة سلاح صيد.
كازابلانكا الآن :
إذن هل يمكن القول أن الإجراءات القانونية التي أتى بها القانون المنظم للقنص تظلىعاجزة في الحد من الجرائم المرتكبة بواسطة هذا السلاح..؟
من بين العوامل التي قد تكون عاملا مخففا لإشكالية استعمال سلاح الصيد في الجريمة، هي ضرورة التوفر على دراسة تطلعنا على عدد الجرائم التي استعمل فيها سلاح الصيد، و إن كان لي اليقين على أن عددها قليل جدا ولا ترقى إلى 1 في 10000 او 20000.
فما يمكنه أن يخفف و لو نسبيا من هذا النوع من الجرائم، هو ضرورة الانتباه إلى التصريح من حين لآخر بكون صاحب السلاح لا يوال على قيد الحياة( شهادة الحياة) واو سنويا، ختى نتفادى بهذا، توارث هذه الأسلحة او الاستلاء عليها من طرف شخص ما، وتصبح بالتالي هذه البنادق تباع من شخص لآخر خارج الشروط و الإجراءات القانونية التي أتى لها القانون المنظم للقنص بالمغرب.
وبذلك، فإن الشروط المفروضة لا تمنع من استعمال سلاح الصيد، علما أنها مشددة، بدليل أنه ليس بإمكان أي كان الحصول على هذا السلاح، لكن التساؤلات التي تطرح في هذا الشأن هي هل استعمال بنادق الصيد سلوك حضاري وانساني؟ هل له علاقة بالسياحة؟ هل له فعلا عائد من العوائد على الاقتصاد الوطني؟ ام ان عائداته لا تخدم سوى بعض المستفيدين؟
من جانبه ” أسامة مرح” وهو واحد من هواة رياضة القنص، والذي وجد نفسه يكبر داخل أسرة أغلبها يمارس هذه ( الرياضة) ، يرى انه ليس من السهل الحصول على رخصة الصيد، نظرا للتشديد الذي تعرفه المسطرةالماعلقة بها.
وبخصوص الخطر الذي يشكله تواجد السلاح الخاص بالصيد داخل البيت، بعد الجرائم التي اهتزت لها عدد من المناطق بالمغرب و كذلك حالات الانتحار، يقول ” أسامة مرح” أن الأمر في هذه الحالة يتطلب من حامل الرخصة أو صاحب السلاح أن يكون على وعي بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، وألا يتركه في حوزة اي شخص غريب لا يملك صفة تحوزه تحت أي ظرف كان.