كازا تيفي

” بّا صالح” …رجل من زمن آخر يختزل تاريخ مدينة سطات الثقافي في ترويج الكتب المستعملة

عبد العالي طاشة
من منا لم يتوقف على باب دكانه، يبادل كتبا بأخرى أو يسأل عن كتاب، قصة، رواية وغيرها، من منا باحثا كان أو طالبا أو تلميذا عجز لسبب ما على توفير كتاب جديد من المكتبات، ولم يذهب عند “صالح هلال” المعروف عند أغلب سكان مدينة سطات بـ “با صالح” تاريخ المدينة الثقافي و المعرفي و أحد الأعلام الذين ساهموا كثيرا في إشعاع الكتاب ونشر ثقافة القراءة لدى أجيال عديدة بحاضرة عروس الشاوية، من خلال بيعه للكتب المستعملة على مر عقود خلت بالمدينة و احتضانه لها كما تحضن الأم رضيعها.

با صالح الملقب بـ “صديق أبناء الفقراء” الذين يتابعون التعليم في كدح ومثابرة، اشتهر بمزاولته لمهنة بيع الكتب بزنقة “باريس” القلب النابض لسطات، حيث الحركية الكبيرة التي تميزها، والتي تحول اليوم اسمها إلى زنقة “الشهداء”، حيث كان يعرض عددا لا يحصي من الكتب القديمة على الأرض فوق “فرّاشة” من حصير أو زربية، وكأنك داخل متحف حقيقي لكتب ندرت من الأسواق المكتبية او اختفت من خزانات الجامعات ومؤسسات التعليم العالي.

عند حلول كل موسم دراسي، و على مر سنوات عمله منذ شبابه، “با صالح” كان ولا زال محله منبعا فياضا للكتب و المجلدات والقصص والروايات، و غيرها من الكتب القديمة و المقررات الدراسية و روايات الأطفال، اليه يلجأ كل من أراد السفر في عالم المعرفة والكتاب والتحصيل العلمي، ليقتني كتبا بأثمنة في المتناول، الكل عنده يجد ضالته سواء كان في الابتدائي أو الإعدادي أو الثانوي أو الجامعي.

“با صالح” بائع الكتب المستعملة بمدينة سطات، صاحب الذاكرة القوية في تنظيم عناوين الكتب و حفظها، الرجل المتواضع الذي ساهم في تنمية الدور الاجتماعي بالمدينة، صاحب الدكان-المكتبة الذي جعل منه ملتقى ثقافيا بامتياز، واستطاع خلال سنوات أن يجعل منه مقصدا رئيسيا للباحثين عن المراجع والكتب النادرة.

فهل وزارة الثقافة والقائمين على تدبير هذا القطاع بسطات و كل المتدخلين من عمالة المدينة والمجلسين البلدي و الإقليمي، سيلتفتون لـ“با صالح”، ولو بتكريم رجل أفنى عمره خدمة في توفير العلم والتحصيل العلمي لأكثر من جيلين من مثقفي وأكاديميي المدينة، أو على الأقل تركه لحاله دون كدر في وقت يجري الحديث عن محاولة بعض الأشخاص يدعون علاقتهم بالمجلس البلدي إعدام هذه ” القلعة” الثقافية ؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى