سطات تحتاج إلى “مرضي الوالدين”… أمّا “عَلْفْ لِيلَةْ” فلا يُسمن ولا يغني من جوع

عبد العالي طاشة
إن أول ما يثير انتباه زائر مدينة سطات كما ساكنيها هما مظهري الإهمال و التهميش الذين لم يتركا جانبا في المدينة إلا و أصاباه، بدء بالبنية التحتية، مرورا بتردي قطاع الصحة واحتلال الملك العمومي، وانتشار ظاهرة الكلاب الضالة والحيوانات الجائرة، وأفة تراكم الازبال وصولا إلى انعدام المرافق الرياضة و الثقافة، وغيرها من معالم البداوة.
مدينة ظلت طيلة عقود من الزمن تتعرض لأبشع انواع الإقصاء والعزلة، ومن مظاهر ذلك أنها لا تتوفر على أي مرافق ثقافية وترفيهية، لا مسابح ترقى إلى تطلعات وانتظارات الساكنة، ولا دور للسينما، و لا ملاعب القرب من شأنها أن تساهم في خلق أفاق واسعة لدى شباب مدينة أعطت بالأمس القريب، كوادر وطنية بشتى المجالات من أساتذة وباحثين ووزراء واطباء و رجال الأمن بمختلف التلوينات، ومحامون ورياضيون وممثلون وغيرهم ممن ساهم في إشعاع المدينة زمن الجيل الذهبي.
بمدينة سطات، القاعدة الشبابية تئن أمام مرأى ومسمع المسؤولين، ممن يتغنون بهم في برامجهم الانتخابية ويعتبرونهم مجرد سواعد داعمة في الحملات الانتخابية لا غير. معاناة يومية لفئة عمرية ينتظر منها حمل مشعل النهوض بالمدينة والوطن على حد سواء، نتيجة غياب تصور أفقي شامل لكل من حمل أمانة تدبير الشأن المحلي للمدينة و تعهد على نفسه غداة الاستحقاقات الانتخابية بضرورة التمكين الحقيقي للشباب و تأهيلهم لأن يكونوا قاطرة التنمية المحلية.
واقع مدينة تفتقر إلى مرافق و مؤسسات شبابية متكاملة و مجهزة، من شأنها محاربة الفراغ واستثمار الوقت الفارغ لدى الشباب، وتعميم المعارف الثقافية والفنية والعلمية في أوساطهم وصقل مواهبهم ومهاراتهم الفكرية، يساءل دور المجالس المنتخبة، التي باتت مطالبة بتوفير اوعية عقارية لإحداث هذه المرافق من أجل نهضة ديناميكية ثقافية واجتماعية، وكذا تطوير هواياتهم الفكرية ومهاراتهم اليدوية وحسن توظيف أوقات فراغهم، و إبراز قدراتهم وصقل مواهبهم وخلق روح المنافسة في الإبداع الفني والثقافي والرياضي لديهم.
الخصاص الخطير الذي تعيش على وقعه المدينة جعل أبواب الانحراف مفتوحة على مصراعيها في وجه شباب و أطفال سطات نتيجة الافتقار الكلي للمرافق والهياكل الشبابية والثقافية، و الترفيهية المجهزة، و هو ما يفسره ارتفاع نسب التعاطي للمخدرات و الخمور بين صفوف البعض ممن لم يجدوا من يمد لهم يد العون من السلطات المنتخبة بالمدينة.
مدينة ماتت حينما سقطت في بئر عميقة بعمق 40 سنة وأكثر بكثير، سنين ومنين عجاف من دون برامج تنموية من دون رؤية واضحة من دون صناعة ولا اقتصاد ولا رياضة، ولا هم يحزنون، ضاعت في فترة من الزمن دون أن يتمكن أي أحد من ذويها من المجالس المنتخبة التي تعاقبت على تدبير شأنها من العثور عليها، وإنقاذها ولو بطرق بدائية، كابدت ظلمات التهميش والاقصاء لسنوات تستغيث وتئن تحت وطأة اللامبالاة في بئر النسيان والمصلحة الشخصية وسياسة دير الخاطر ودايزة عواشر.
ماتت في لحظة يأس من أشد المتفائلين، ماتت في لحظة الأمل، حينما كان يجب أن تصل الحكاية لنهايتها السعيدة بعدما استبشر ساكنتها خيرا، ماتت حينما استهلكها كُتّاب الدراما و أساطير البرامج الانتخابية الرخيصة في أعمالهم التي بشرت الناس بالأمل الكذاب.
فهل شباب مدينة سطات لا يستحقون هكذا مرافق ومؤسسات شبابية متكاملة و مجهزة، على غرار العديد من المدن المغربية؟؟؟







