سطات…مشاريع متوقفة تشوه المنظر العام بالمدينة وتفوت عليها فرصة التقدم تنمويا
عبد العالي طاشة
سطات…مشاريع متوقفة تشوه المنظر العام بالمدينة
لا يختلف اثنان حول مدينة سطات، كونها من المدن الأولى المحدثة بالمغرب، فعلى أنقاض الماضي البعيد شيدت “عاصمة الشاوية” قصبتها الإسماعيلية، على يد السلطان العلوي مولاي إسماعيل أواخر القرن السابع عشر، و كسبت من امتداد جدورها التاريخية أصالتها وأنفتها، ولا زالت شاهدة على محطات تاريخية بصمت تاريخ المغرب في مراحل ثلاث، قبل وغداة و ما بعد الاستقلال.
سطات..التي كانت إلى وقت قريب، رمزا من رموز المجد والبطولات لحضارة قبائل الشاوية، باتت اليوم فاقدة لسحرها ورونقها، فاقدة لكل قيمتها وتأثيرها، وجاذبيتها، أمام تفشي عوامل التهميش و الإقصاء والتخلف على مسايرة الركب التنموي الذي تشهده باقي مدن المملكة، فقد أضحت “عزيزة قوم ذلت”، تتخبط وسط المشاكل والنقائص التي تعكر صفو حياة الساكنة، التي مافتئت تعبر عن استيائها وتذمرها الشديدين جراء الأوضاع المزرية التي نخرت مدينتهم.
مشاريع تعدت الملايين على الأوراق، لكن واقع الأمر غير ذلك، فهي لا تعدو أن تكون مجرد أرقام و أصفار، كالمركب الثقافي المقابل لوكالة أنابيك، مركب الصناعة التقليدية بوسط المدينة، الإقامة الجامعية الجديدة بتجزئة المنظر الجميل، بحيرة المزامزة، المقهى الجامعي المحاذي للكولف الجامعي، حدائق المركب الجامعي، حديقة البطوار، المنتجع السياحي بحي البطوار، سوق الفتح، أسواق السلام، فندق المنتزه، مجرى واد بن موسى بوسط المدينة، كلها مشاريع متوقفة نتيجة غياب التنسيق والتفاهم بين الجماعات التي توجد ضمن نفوذ ترابها البعض منها وبين المجلسين الجماعي و الإقليمي، سيما فيما يتعلق بالاستثمار الأمثل بناء على القانون التنظيمي لجماعات المحلية، الذي يعطي فرصا وأشكالا عديدة من التعاون والتنسيق من أجل إخراج كل هذه المشاريع إلى حيز الوجود.
مدينة تعيش ركودا تنمويا خطيرا في عدة مجالات، ركود أسهمت فيه عدة عوامل متداخلة، وهو ما يتضح من خلال شلل البنيات التحتية الأساسية الذي أصاب أجزاء المدينة مساحة و ساكنة، ما بات ينغص الحياة اليومية، نتيجة إعدام التنمية بفعل أفعال فاعلين مفعول بهم وسط جمل من الأنشطة الموزعة تارة بين الفعلية وتارة أخرى بين الاسمية، يكاد لايفعم المبتغى منها تحت طائلة أنها غير مفيدة أو مركبة بين المتناوبين على تسير الشأن العام المحلي بمدينة بات سكانها يعلقون أمالا كبيرة على زيارة أو “غضبة” ملكية لعلها تساهم و لو بالقليل في الاقلاع بالمنطقة اقتصاديا واجتماعيا، و تمسح البؤس الذي يعتلي محيا أغلبية من يقطن بها.
سطات…المدينة التي لا توحي بأنها مدينة بالمفهوم الحضري الشامل المتعارف عليه، بل صورتها لا تكاد تخرج عن إطار تجمع سكاني بقرية معزولة جاد عليها بعض المحسنين ببعض الأعمدة الكهربائية، فلا وجود لمرافق بإمكانها أن تجعل من المدينة منطقة مؤهلة، و لا تنمية لوحظت، و لا مشاريع ساهمت و لو بالقليل في تنميتها و ساعدت على الاقل في انتشالها من واقع التهميش و الاقصاء الذي تعاني منه، فبمجرد أن تطأ قدماك هذه المدينة، حتى تلمح من الوهلة الأولى الوضعية المزرية والحالة الصعبة التي يعيشها سكانها في صمت بسبب الغياب شبه الكلي للرأسمال المحلي، و التقاعس السياسي والاقتصادي لكافة المستويات والفعاليات المحلية عن طرح إشكاليات المدينة الحقيقية أمام انظار صناع القرار.
إن حرمان مدينة سطات من الاستثمارات العمومية على غرار باقي مدن الجهات، رغم مساهمتها بفعالية في الناتج الداخلي الخام، أفرز ركودا قاتلا تعيش على إيقاعه مختلف المجالات الحيوية، مما زاد من تفاقم الآفات الاجتماعية المسيئة والمشوّهة لصورة سطات، وضمنها انتشار الجريمة والتسول، بات يفرض بإلحاح تظافر جهود كافة النخب السوسيوثقافية، والسياسية، والاقتصادية من كافة المشارب، للتصدي لكل اللوبيات التي تعمل على قتل الاقتصاد ومحاصرة الاستثمار الجاد، لفكّ الحصار الاقتصادي والاستثماري المضروبين على المدينة، ومنح ساكنتها الحق في حياة كريمة، عن طريق استغلال مؤهلات المدينة في بناء منظومة مجالية تخدم الاقتصاد المحلي والجهوي والوطني، حتى تحظى بالجاذبية والتنافسية والاستثمارات، وذلك لما للشاوية من موقع أساسي في المجال الفلاحي.
فهل ستظل جميع المشاريع بالمدينة تتمركز في يد فئة قليلة من المحضوضين؟؟ أولئك الذين حجَّموا طموحات شبابها، وهل سيزول البؤس والحرمان وتستعيد المدينة وسكانها سعادتهما المفقودة؟؟