كازا تيفي

صراع الأجيال داخل جماعة سطات…من سيدفع ثمنه؟

بقلم : عبد العالي طاشة

اتّسمت الولاية الانتدابية و التدبيرية الحالية لمدينة سطات بالصراعات والنعرات بشقيها الخفي والجلي، التي توالت على الأغلبية المسيرة بالجماعة منذ بداية تكون جنين التحالف ببطن بعض المدن المجاورة، حيث اعتبرها الشارع منذ الوهلة الأولى بأنّها بداية انبعاث دخان ل”ثورة جائعة” للبعض، نتيجة تحصيل حاصل للتفاوتات الفكرية والايديولوجية والتنشئة لبعض المستشارين و المستشارات داخل الجماعة، وقد حرصت رئاسة الجماعة في ولايتها الثانية والاولى في تاريخ المدينة، -حرصت- على مدار عمر باكورة السنة الأولى للولاية الانتدابية إلى حدود الان على إخفائها والترويج لها باعتبارها نوعاً من الحرّية الممنوحة لأعضائها في سبيل الرقي بالمدينة.

وبحسب ما يتدواله المواطن السطاتي ويشاع بالشارع حول “صراع القوة المتمثل في الشباب ضد خبرة الشيوخ” الذين عمروا لسنوات طوال داخل جماعة سطات…فإن هناك فريق ينظر إلى الوضع كأزمة لها مساراتها المستقبلية ( الوخيمة و السيئة ) على المدينة والساكنة على حد سواء، معتبرين ان الأحداث التي بات الفايسبوك مسرحا لها من خلال مسلسل التطاحن والتدافع، ستساهم بقدر مهمّ و كبير في ولادة ظاهرة مايسمى ب “السمك الكبير يأكل السمك الصغير”، حيث اكدوا أن صراعات أكتوبر التي ارخت بظلالها على أغلبية مجلس جماعة سطات مؤخرا والتي أسالت المداد وأصبحت مادة دسمة، رسمت ملامحها الخريفية وحددت توجهاتها وفق سياقاتها المنتجة لها انطلاقا من عوامل ذاتية وأخرى خارجية، فيما اعزى فريق اخر أن هذه الصراعات هي وليدة أحداث و سياقات سياسية و أخرى مجتمعية سابقة، دون نسيان متلازمة الصراع التي رافقت الولاية الانتدابية منذ تأسيسها غذاة الانتخابات المحلية الاخيرة إلى يومنا هذا، بعضها ببعض، من جهة أخرى.

إن قراءة معمّقة ومتأنية لأزمة الصراع المحتدم داخل أغلبية جماعة سطات تارة بين أعضاء الاغلبية فيما بينهم/ن وتارة بين أعضاء المعارضة فيما بينهم وبين الاغلبية والمعارضة وتداعياتها والعوامل المؤثرة فيها وأسبابها، وأيضاً مآلاتها المستقبلية، في ضوء العوامل التاريخية التي طالما أثرت في التشكيلات والمجالس المنتخبة المتعاقبة، شكّلت جزءاً من تاريخ إيديولوجية ومستوى النضج الفكري للهيئة الاستشارية، وكذا مسارها الحركي في الماضي والحاضر، تجعل من هذه الولاية، ولايةً فريدة من نوعها و استثناء بين الجماعة الترابية بالمملكة المغربية، يمكن توظيفه كعنوان في بحث تخرج لسلك الماستر او رسالة دكتوراه، لما للموضوع من تأثير خطير على تماسك هذه التركيبة الحزبية لأغلبية الجماعة تحت غطاء مبلقن اسفر عن تسع أحزاب لقيادة سفينة المدينة، قد يؤدي بها إلى الانتهاء عبر الاستقالة أو أفولها عبر سحب الثقة، اللهم ان كان لرئاسة المجلس القدرة على احتواء الصراعات وإدخالها تحت عباءتها في عملية سحرية تخدع عيون المتفرجين.

وفي سياق الحدث، فإنه من الطبيعي اولا لدراسة ومناقشة الوضع الذي تتسم به جماعة سطات من صراعات جانبية، وجب أن نبحث في سياق هذه الصراعات عن أهمّ الظواهر التي تمخضت عن هذا الصراع، من ثنائية من يدعون انهم مثقفون ضد من يعتبرونهم اقل منهم تحصيلا علميا، وظاهرتي المدونين الشباب والكتائب الإلكترونية، وتجربة ممثلي الاحزاب الجديدة بالمجلس، وأخيراً ظاهرة المنشقون والهاربون الذين أبدو استعدادهم لاخراج ارجلهم عن “شْوَاري”، وعليه فإن الصراع الداخلي بين جبهتيه، بقيادة الشيوخ ذوي خبرة الماضي، في مواجهة الشباب أصحاب الرؤى المستقبلية، ربما يعد الفصل الأخير في مسيرة المجالس المنتخبة بقصر بلدية سطات الممتدة منذ عقود، والذي بات يؤشر عن طفرة شبابية قادمة لحمل مشعل التدبير المحلي بالمدينة، سيما وأن الجلسات الأخيرة لبعض الدورات شهدت تطوراً كبيراً في احتدام الصراع وبلوغه ذروته، بعدما أعلن البعض العصيان و التمرد ونهج آخرون سياسة “التقلاز من تحت الجلابة”.

وفي الختام، و بوجه عام فإن الصراع الراهن داخل أغلبية المكتب المسير يعد “سابقة تاريخية” لن تنتهي قريباً، وقد تؤدّي لا محالة إلى نسف الهيكل التنظيمي للمكتب المسير نهائياً، في حالة لم تلجأ رئاسة الجماعة إلى تحويل نفسها إلى تيار عام لتفادي الخطر المحدق بها، عبر اطلاق مبادرات الصلح من شأنها احتواء الأزمة ووقف التصعيد بين الجبهتين ضمانا للسير العادي وحماية لأمور الساكنة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى