بقلم: محمد العزري
يتطلع المهتمون بالشأن المحلي على مستوى مقاطعة الحي الحسني بالدارالبيضاء، بنوع من الاهتمام البالغ لدورة انتخاب نائب سادس للمجلس وسط ترقب كبير بشأن هوية ” المحظوظ” الذي سيكمل ” عقد ” المكتب المسير، و ما إن كان هذا الكرسي الشاغر سيوقظ نار الفتنة النائمة ثم يعود ليلعنها!
بمجرد قراءة متأنية لما عليه الحال و ما يجري في ” الكواليس” تكاد تجزم أن المجلس برمته مرشح أو يعتزم الترشح لهذا المنصب/ المهمة، إلا أنه كلما تقدمت الأيام و طويت الساعات إلا و بدأت تتضح الرؤية و ينزاح الظلام، ومعه يتسع الشرخ القائم أحيانا من جهة، ويلتئم آخر من جهة ثانية، بل يبدو لك أننا أمام بداية لتكتلات جديدة لاعجب إن رأيت خلالها أن عدو الأمس بات صديقاً اليوم، ومن كان صديقا بالأمس أصبح ألذ الأعداء!
آش واقع…أَ كل ذلك من أجل كرسي يخص النيابة السادسة للمجلس، ام وراء الأَكمة ما وراءها ؟ ولم يعد السياسي بالحي الحسني يستحيي من نفسه في القفز على كل أدبيات العمل السياسي و الأعراف سبيلا نحو تحقيق هدف/ مبتغى يراه حقا مشروعا و يراه الآخر مصلحة خاصة رخيصة لا تستحق كل هذا السباق نحو النهاية…وأي نهاية يا ترى ؟
دعونا قبل الخوض في هوية و حظوظ الأطراف التي كشفت عن نيتها الترشح -إلى حدود الساعة على الأقل- لكرسي النيابة السادسة و دوافع كل واحد(ة) على حدة، نطرح بعض الأسئلة التي تفرض نفسها بإلحاح، ولا ضرر في تعذر الإجابة عنها سواء بقصد او عن غير قصد، لأن القلم أحيانا بدوره لا يطاوعنا حتى تحسبه و كأنه بدوره يمارس لعبة ” الشياشة” عفوا ” السياسة”..!
أول سؤال يتبادر للذهن ونحن نطالع هوية المرشحين لهذا السباق الذي يبدو لنا من زاوية المهتم بالشأن المحلي محسوم في أمره من البداية، ما دامت اللعبة تخضع لشروط و التحكم فيها من خارج دائرة السباق ذاته، هو : هل سيحترم ميثاق التحالف الثلاثي من طرف الأطراف المعنية وبالتالي نكون أمام محاولة للحفاظ على ” التوازن السياسي” المهتز أصلا منذ أن خرج هذا المولود إلى أرض الوجود، و بالتالي لن تحيد الفرصة عن مرشح(ة) من حزب الأصالة و المعاصرة، بعد إقالة النائب الأول للمجلس سابقا، عبد القادر بودرع، الرئيس الحالي لمجلس عمالة البيضاء.
في هذا الحالة و في حالة توافق مكونات الأغلبية عن ” تزكية” مرشحة(ة) من البام الذي يرى أعضاءه بالمجلس أنهم الأحق بالنيابة تماشيا مع ما يفرضه التحالف الثلاثي، ولكن الإشكال سيكون قائما عندما يتعلق الأمر بهوية المرشح أو المشرحة لهذه المهمة( نائب سادس)، والتي لن تخرج عن – من وجهة نظرنا القاصرة- عن المرشح الذي يسوّق له على أنه من المغضوب عليهم داخل عدد من مكونات المجلس، وإن كانت صناديق الاقتراع من أوصلت الرجل إلى هذه المؤسسة كغيره من الأعضاء، إلا أن البعض من داخل المجلس لا ينكر وجود إملاءات خارجية لا تخضع لإرادة الأعضاء تسير في اتجاه فرضه عنوة.
وهنا، لا بد من الوقوف عند تصريح سابق للسيد المصطفى منظور ممثل حزب التقدم و الإشتراكية المعارض داخل المجلس الخالي، و الذي تساءل من خلاله، حول ما إن كانت الأحزاب الممثلة داخل مقاطعة الحي الحسني مستقلة في توجهاتها و غير خاضعة للتعليمات.!
أمام الصورة المقدمة سلفا، وفي حال ” فُرض” المرشح المغضوب عليه – تبعا لما يُسَوّق له- على الأغلبية فسيكون المكتب المسير أمام أمر واقع، سيجد نفسه مجبرا على قبوله أيا كان الخلاف و الاختلاف هذا إذا ما روعيت في ذلك مصلحة الساكنة، وقبل ذلك الحفاظ على توازن و تماسك الأغلبية المسيرة، وإن كان هذا المعطى الأخير وفق تأكيد عضو ” البام” بمجلس مقاطعة الحي الحسني ” نادية اعنيبات” قائما، مضيفة في اتصال هاتفي معها، أن أهم شيء هو ” الحفاظ على تماسك و تحالف المجلس برمته و الدود به عن كل ما من شأنه أن يقف عائقا أمام تنمية المنطقة”.
وأضافت المتحدثة نفسها، بخصوص مسألة انتخاب “النائب السادس” أنها « أُعطيت أكثر من حجمها، والأحق بها هم حزب ” البام” بغض النظر عن هوية المرشح، و أن الأهم من كل ذلك هو تغيير طريقة تدبير الشأن المحلي خدمة للساكنة».
بدورها ” أمينة لوزاني” المنتمية لحزب ” البام” والتي يقدمها بعض زملائها داخل الحزب من بينهم أعضاء بجسم المعارضة على أنها “ظُلمت” عند تشكيل المكتب منذ وهلته الأولى، ترى أنها تبني موقفها من الترشح لعدمه للمقعد الشاغر، على مبدأين أساسيين، وهما : الانضباط لأوامر/ قرارات الحزب اولا، و احترام ميثاق التحالف ثانيا.
إسم آخر، كان قد راج في الأيام المنصرمة بشأن إمكانية تقدمه بالترشح من داخل الأغلبية المسيرة، وهي ” لمياء الحميدي”، التي آثرت تجنب الرد على أسئلتنا و استفساراتنا لإمكانية دخولها السباق ولو على حساب الميثاق الثلاثي، إلا أنها فضلت الصمت حتى بعد انتهاء اللقاء الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار، ونحن نحترم قرارها، علما أنها كانت قد وعدت بالكشف عن موقفها بشأن الترشح من عدمه، وهو ما يؤشر لحدوث توافق على الراجح في اختيار مرشح واحد من الأغلبية المسيرة للمجلس، رغم أن ” لمياء الحميدي” شأنها شأن ” أمينة لوزان” يقدمها بعض زملائها من المجلس على أنها بدورها لم تنصف ولم تنل نصيبها من المقاعد التي وزعت إِبان تشكيل المكتب قبل 3 سنوات خلت.
ملاحظة مهمة وجب الإشارة إليها، ففي حالة دخول لمياء الحميدي لهذا السباق نحو كرسي النيابة السادسة ستكون بمثابة الرصاصة التي تعلن انطلاق السباق بعدد وافر من المرشحين، وبالتالي نكون أمام حدوث انتكاسة/ شرخ أكبر من الحاصل حاليا داخل الأغلبية المسيرة، لأن ممثلي ” البام ” على سبيل المثل سيرون في الأمر قفزا على ” حق” من حقوقهم و قبل ذلك خرقا لميثاق التحالف الموقع بين الأحزاب الثلاثة بما فيها الاستقلال الذي يقف بين المطرقة و السندان في هذا السباق نحو الكرسي الشاغر.
أمام كل هذه التجاذبات الحاصلة، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نغفل ” لحسن البكوري” الذي سيتقدم بترشحه ممثلا لجسم المعارضة وان لم تكن كلها، وله نصيب في خطف و لو صوت من الأغلبية، مؤكدا أنه لم يتراجع البتة عن الترشح ولن يتراجع، مؤمنا بكامل حظوظه.
ويبني الشاب ” لحسن البكوري” ترشحه، على إيمانه القوي بضرورة تصحيح المسار مع للتأكيد على نيته للمساهمة من أي موقع كان ولو من داخل الأغلبية في مد يده لخدمة الشأن المحلي.
كما يمكن لترشح ” البكوري” ممثل حزب الاتحاد الاشتراكي، أن يشكل فرصة مهمة لقياس مدى تجانس جسم المعارضة وولاء بعضها لبعض، بعيدا عن ” معارك دورات المجلس”، و امتحانا في الوقت نفسه للديمقراطية إذا ما قادته إمكانياته في الوصول إلى المقعد الشاغر، حول مدى القبول به ضيفا من المعارضة داخل الأغلبية المسيرة.
بين تقديم مرشح وان كان تحت الضغط أو بالتوافق بين جل مكونات الاغلبية حفاظا على تماسكها و حفظ ماء وجهها أمام ” كتابهم” المقدس ( الميثاق الثلاثي)، أو تمرد ممثل لأحد أطراف الأغلبية ضد قرارات حزبه و معه ” التحالف”، نكون أمام دورة سيكون لها ما بعدها، دون نسيان مرشح الاتحاد الاشتراكي الذي أكد بل جزم قطعا عدم تراجعه، بغض النظر عن نتيجة هذه الخطوة التي عزم على خوضها.
أمام كل ذلك، ستبقى مجموعة من الأسئلة تراوح مكانها إلى أن تدق ساعة الحسم في مصير نيابة سادسة قد ترهن مصير منطقة بأكملها، في حال تجدد الصراع الداخلي و خلخلة التوازن السياسي داخل الاغلبية نفسها، المفككة مسبقا، وحتى الأحزاب نفسها المشكلة لهاته الأغلبية ولا أدل على ذلك من الانقسام الحاصل منذ شهور، مما يهدد بتعميق الأزمة و تجدد الصراع، وبالتالي رهن مستقبل المنطقة و تعثر مصالحها وهو ما لا نأمله.
المهم، ما هي إلا أيام و يرفع الستار …قم ينحصر الخيار بين إلتئام الجرح وإما الانكسار، لذلك ما علينا سوى الانتظار بما سيأتينا به الهدهد من أخبار لعلها تكون بارقة أمل للأخيار و حلما مزعجا لمن باع المنطقة برمتها بـ” لْـعْبَارْ”…!