الرأي

هل انتهى زمن الدار البيضاء كعاصمة رياضية وثقافية؟


بقلم: محمد منصور
لطالما كانت مدينة الدار البيضاء القلب النابض للمغرب في مختلف المجالات، من الرياضة إلى الثقافة، ومن المعارض إلى الفعاليات الكبرى. لكن في السنوات الأخيرة، يبدو أن البساط يُسحب تدريجيًا من تحت أقدامها، حيث بدأت مدن أخرى تفرض نفسها كمراكز جديدة للأنشطة الرياضية، الثقافية، وحتى الاقتصادية.
الرياضة…فقدان الهيمنة
منذ عقود، كانت الدار البيضاء الوجهة الأولى لأهم المباريات والبطولات الوطنية والدولية، حيث احتضن ملعب محمد الخامس مباريات المنتخب الوطني وأكبر الديربيات الإفريقية. لكن مؤخرًا، لم تعد المدينة الخيار الأول لاستضافة المباريات المهمة، حيث تم نقل مواجهات المنتخب المغربي إلى مدن أخرى مثل الرباط وأكادير وطنجة، وهو ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت الدار البيضاء تفقد مكانتها التاريخية.

أضف إلى ذلك أن ملاعب حديثة كملعب “ابن بطوطة” بطنجة وملعب “مولاي عبد الله” بالرباط أصبحت الوجهة المفضلة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لتنظيم المباريات الدولية. فهل يعود ذلك إلى مشاكل البنية التحتية في البيضاء، أم أن هناك استراتيجية لتحويل الاهتمام إلى مدن أخرى؟

الثقافة والمعارض: تحول في البوصلة

لم يقتصر التراجع على الرياضة فقط، بل امتد أيضًا إلى المشهد الثقافي. فبينما كانت الدار البيضاء تحتضن أكبر المعارض الدولية والفعاليات الثقافية، نرى اليوم أن مدنًا مثل مراكش والرباط أصبحت الوجهة المفضلة لاستضافة المعارض الفنية والمهرجانات السينمائية.

على سبيل المثال، أصبح معرض الكتاب يُنظم في الرباط بدلًا من الدار البيضاء، وهو تحول كبير يعكس إعادة توزيع الأنشطة الثقافية على مستوى المملكة. كما أن مهرجانات مثل “مهرجان مراكش السينمائي” و”مهرجان كناوة بالصويرة” و”مهرجان الموسيقى الروحية بفاس” أصبحت تستقطب اهتمامًا دوليًا أكبر مما تشهده الدار البيضاء حاليًا.

الأسباب: إهمال أم استراتيجية؟

يمكن تفسير هذا التحول بعدة عوامل، منها مشكلات البنية التحتية في الدار البيضاء، حيث تعاني المدينة من الاكتظاظ والازدحام ونقص المساحات الملائمة لتنظيم الفعاليات الكبرى. كما أن هناك توجهًا حكوميًا واضحًا لتوزيع التنمية على باقي المدن، بدلًا من تركيزها في العاصمة الاقتصادية فقط.

لكن هل هذا التراجع نهائي؟ أم أن الدار البيضاء قادرة على استعادة مكانتها كوجهة رياضية وثقافية أولى في المغرب؟

الجواب يبقى مفتوحًا، لكن الأكيد أن المدينة بحاجة إلى إعادة النظر في بنيتها التحتية، وتحسين مرافقها الرياضية والثقافية، واستعادة بريقها الذي بدأت تفقده لصالح مدن أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى