الرأي

حي النسيم يبعث برسالة سياسية واضحة لـحزب” الحمامة”بالحي الحسني

جانب من الحضور خلال اللقاء التواصلي

بقلم : محمد العزري
يبدو أن اللقاء التواصلي لحزب التجمع الوطني للأحرار في حي النسيم لم يكن مجرد محطة عادية ضمن برنامجه السياسي، بل كشف عن أزمة أعمق تتجاوز الحضور الباهت للساكنة، لتصل إلى تساؤلات جوهرية حول طبيعة العلاقة بين الحزب وقواعده الانتخابية. الرسالة التي بعثها سكان الحي كانت واضحة: “لا تواصل دون تمثيل حقيقي”.
المثير في الأمر أن اللقاء، الذي حضره النائب البرلماني إدريس الشرايبي وبعض المنتخبين المحليين، غاب عنه ممثل ساكنة النسيم بمجلس مقاطعة الحي الحسني، يوسف مبسوط، الذي فاز في الانتخابات الجماعية الأخيرة، إلى جانب رئيس المقاطعة وأعضاء آخرين من الحزب نفسه. هذا الإقصاء طرح علامات استفهام عديدة: هل هو مجرد سوء تدبير، أم أن الحزب يشهد صراعات داخلية تُلقي بظلالها على عمله الميداني؟
رد فعل الساكنة كان حاسمًا، إذ قرر عدد منهم التراجع عن الحضور فور علمهم بغياب ممثلهم، وكأنهم أرادوا التأكيد على أن شرعية اللقاء لا تُبنى فقط على الخطابات، بل على الاعتراف الحقيقي بممثليهم المنتخبين ديمقراطيًا. فكيف يمكن لحزب يدّعي سياسة القرب أن يُقصي أحد أبرز وجوهه المحلية؟
بعيدًا عن غياب الفاعلين السياسيين المؤثرين، شكل اختيار مكان اللقاء نقطة استفهام أخرى. فبدل تنظيمه في فضاء عمومي أو قاعة مفتوحة تعكس روح التواصل، تم عقده داخل منزل خاص بأحد أحياء النسيم، مما زاد من شعور العزلة وعدم الجدية في التعاطي مع مشاكل الساكنة. أما الصور المتداولة عن الحدث، فلم تعكس حضورًا جماهيريًا يُذكر، بل اقتصرت على أفراد معدودين، مما يعزز فكرة أن اللقاء لم يكن سوى تمرين شكلي، لم ينجح في إقناع الساكنة بأهميته.
ما جرى في النسيم ليس حدثًا عابرًا، بل مؤشر على أن الحزب أمام مفترق طرق حقيقي. فإما أن يستوعب الرسالة ويفتح نقاشًا داخليًا حول تمثيليته واستراتيجيته في التواصل، أو أن يجد نفسه في مواجهة قطيعة مع جزء من قاعدته الانتخابية. فالتواصل لا يكون عبر لقاءات شكلية، بل عبر الاعتراف بممثلي الساكنة وإشراكهم في القرار. إذا لم يلتقط حزب التجمع الوطني للأحرار هذه الإشارة ويتعامل معها بجدية، فقد لا يقتصر العزوف على اللقاءات، بل قد يمتد إلى صناديق الاقتراع في الاستحقاقات المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى