عودة الحصبة تهدد الصحة العامة في المغرب والجمعيات العلمية تدعو إلى تعبئة وطنية للتلقيح
محمد العزري
يواجه المغرب تحديًا صحيًا جديدًا مع تفشي وباء الحصبة، المعروف باسم “بوحمرون”، حيث سجلت البلاد 25 ألف حالة إصابة و120 حالة وفاة، ما دفع الجمعيات العلمية المختصة في طب الرضع والأطفال إلى دق ناقوس الخطر بشأن خطورة هذا المرض وضرورة التصدي له عبر التلقيح.
على مدى العقود الماضية، تمكن المغرب من تقليص معدلات الإصابة بفضل البرنامج الوطني للتلقيح، حيث يتم منح اللقاح المضاد للرضع في جرعتين: الأولى في عمر تسعة أشهر والثانية في 18 شهرًا.
هذا، و ساعدت الإجراءات المذكورة، في الحد من انتشار المرض إلى درجة أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية كانت بصدد إعداد ملف للحصول على شهادة قرب القضاء عليه من منظمة الصحة العالمية. لكن التراجع في معدلات التلقيح بعد جائحة كوفيد-19، نتيجة انتشار الإشاعات المغلوطة حول اللقاح، أدى إلى عودة قوية للوباء.
وتحذر الجمعيات العلمية كون مريض واحد يمكن أن ينقل العدوى إلى نحو 20 شخصًا، مما يجعل الحصبة من أكثر الأمراض المعدية خطورة. كما تؤكد أن اللقاح مستعمل في المغرب منذ أكثر من 40 عامًا، وهو آمن وفعال، حيث توفر الجرعة الأولى حماية بنسبة 80%، فيما ترفع الجرعة الثانية نسبة الحماية إلى 98%. وتشير الإحصائيات إلى أن الغالبية العظمى من الوفيات المسجلة كانت لأشخاص لم يحصلوا على أي جرعة، بينما شملت نسبة 2% فقط من الضحايا أشخاصًا تلقوا جرعة واحدة دون استكمال التلقيح.
ولضمان الحماية الجماعية، أعلنت وزارة الصحة عن مراجعة الدفاتر الصحية للتلاميذ في المؤسسات التعليمية، للتأكد من تلقيهم اللقاح كاملاً، مع إعطاء الأولياء حرية الموافقة على استكمال الجرعات الناقصة. وتندرج هذه الخطوة ضمن جهود الحكومة لمواجهة تفشي المرض، حيث يتم العمل بتنسيق بين مختلف القطاعات الصحية والتعليمية لضمان تحصين الأطفال ومساعدتهم على مواصلة تعليمهم في بيئة آمنة.
في هذا السياق، دعت الجمعيات العلمية مختلف وسائل الإعلام إلى التصدي للأخبار الزائفة حول اللقاحات، والتي تهدد الأمن الصحي للمواطنين، مشددة على أهمية دور الصحافة في توعية الرأي العام وتصحيح المفاهيم الخاطئة. كما حثت الآباء والأمهات على الإسراع بتلقيح أبنائهم، تفاديًا لأي كارثة صحية قد تعيد سيناريو جائحة كورونا بمخاطرها الصحية والاقتصادية والاجتماعية.
وأعربت الجمعيات عن تقديرها للدور الذي يقوم به المرصد الوطني لحقوق الطفل، وكذا الجهود المبذولة من قبل مختلف مكونات الحكومة والجسم الطبي في القطاعين العام والخاص، مؤكدة استعدادها للإجابة عن أي تساؤلات وتقديم التوضيحات العلمية اللازمة، في سبيل حماية الصحة العامة وضمان سلامة جميع المواطنين.